لمحة حول تاريخ المدرسة الوطنية العليا للأشغال العمومية (ENSTP)
في إطار حركة التجديد التي أعقبت استقلال الجزائر، سرعان ما أدركت البلاد أهمية تكوين جيل جديد من القادة والخبراء القادرين على مواجهة تحديات البناء الوطني. وهكذا، في عام 1966، تأسست المدرسة الوطنية العليا للأشغال العامة (ENSTP)، التي كانت تُعرف آنذاك باسم مدرسة مهندسي الأشغال العامة (EITP). كانت هذه أول مدرسة للمهندسين في مجال البناء والأشغال العامة والري في الجزائر، ومنذ نشأتها وهي في صميم استراتيجية التنمية الوطنية.
كانت في البداية مهمة المدرسة الوطنية العليا للأشغال العامة متواضعة، ولكنها حاسمة، وتركزت على تكوين الكفاءات التي ستساهم في بناء البنية التحتية للبلاد. وعلى مدار ما يقارب ستة عقود، تمكنت المدرسة من إعادة تشكيل نفسها مع الحفاظ على هذا الهدف الأساسي، حيث تكيفت مع كل إصلاح جديد لمواكبة احتياجات الجزائر المتزايدة.
في عام 1987، شهدت المدرسة منعطفًا حاسمًا عندما أصبحت معهدًا وطنيًا للتكوين العالي تحت وصاية مزدوجة، حيث باتت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي مسؤولة عن التسيير البيداغوجي، بينما يشرف قطاع الأشغال العمومية على الجانب الإداري. وقد سمح هذا التغيير الهيكلي للمدرسة بتوسيع نطاقها، لا سيما من خلال تقديم تكوينات ما بعد التخرج وتحولها إلى مركز معتمد للبحث والتطوير العلمي.
في عام 1998، دخلت المدرسة حقبة جديدة عندما أصبحت مؤسسة جامعية تحت وصاية حصرية لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي. هذا الوضع الجديد لم يكن مجرد تعديل بسيط، بل شكّل بداية لتحدٍ جديد تمثل في الاستفادة من الخبرة المكتسبة ميدانيًا مع الانفتاح على الابتكارات الأكاديمية والعلمية.
تبرز اليوم المدرسة الوطنية العليا للأشغال العامة على الساحة الدولية. مع تكوين أكثر من 6000 مهندس جزائري و300 مهندس أجنبي من 32 دولة، بما في ذلك العديد من الدول الأفريقية والعربية، استطاعت المدرسة توسيع تأثيرها إلى ما وراء الحدود. فهي اليوم تمثل مؤسسة مرموقة تساهم في تطوير المعارف والكفاءات والمهارات على المستويين الوطني والدولي. وبفضل هذه الرؤية الشاملة، يظل للمدرسة دورًا أساسيًا في مجال التكوين والابتكار في الأشغال العمومية.